التعددية السياسية والإقتصادية في دول الثورات العربية

حوار مع السفير رائد الهاشمي

روعه محسن الدندن

يقول الفقيه في الأحزاب السياسية الأستاذ “كلسن” ذو الأصول النمساوية
“إن الفرد وهو منفرد لا يكون له أي تأثير حقيقي في تكوين الإرادة ااعامة”
فالتعدد بمختلف أنواعه يكون من خلال حصول الفرد على حقوقه وتنظيم هذه الحقوق، والقاعدة الأساسية لتعدد هي “حرية الفكر” فكل المجتمعات القديمة والمعاصرة تميزت بوجود أشكال من التعدد سواء كان السلالي أو اللغوي والديني والمذهبي ثم التعدد الفكري والطبقي ثم التعدد الحزبي والسياسي والإقتصادي
فهل يمكن للمجتمعاتنا ان تمارس التعددية السياسية والإقتصادية في ظل مايحدث من نزاعات وتدخلات في الدول العربية

أدارت الحوار
الإعلامية والأديبة السورية روعة محسن الدندن – مديرة مكتب سوريا للاتحاد الدولي للصحافة والاعلام الالكتروني
مديرة مكتب أخبار تحيا مصر في سورية
مستشارة رئيس التحرير لجريدة أحداث الساعة

ضيفي
رائد سالم الهاشمي سفير النوايا الحسنة ورئيس منظمة رسل الخير والسلام الدولية وعضو لجنة حقوق الانسان الدولية وناشط مدني وباحث وخبير اقتصادي واعلامي .
أرحب بك مجددا سعادة السفير في حوارات روعة ولقبولك دعوتي للحوار مجددا

س1/ الثورات مؤامرة امريكية او ايرانية ام عربية أم هي ضد الطغيان والفساد وتم التأمر على هذه الثورات من تلك الدول؟

post

ج1/ لا نستطيع أن نحدد بالضبط أي من هذه المسميات بدقة وانما ساهمت جميعها إضافة الى ظروف وعوامل أخرى لصنع هذه الثورات, فالتدخل الخارجي بلاشك ساهم كثيراً في اشعال فتيلها لأهداف معروفة هو اضعاف الدول العربية بشكل كامل وبسط نفوذ الدول الكبيرة عليها لغرض السيطرة على الموارد الطبيعية وأهمها النفط الذي يعتبر المحرك الرئيسي لجميع الأطماع الاستعمارية لتأثيره الكبير على الاقتصاد العالمي هذا من جانب أما الجانب الآخر فهناك مخطط لايخفى على أحد وهو صفقة القرن التي تعمل الدول الكبرى على التخطيط لتنفيذها بدقة لضمان مصالح إسرائيل ونفوذها في المنطقة,أما ايران فقد استغلت كل هذه العوامل والارباكات التي حدثت في الدول العربية التي شهدت ثورات الربيع كما تسمى لتحقيق نواياها ومد أذرعها بشكل تدريجي لغرض بسط نفوذها في عمق البلاد العربية وقد نجحت بذلك حيث أمتد نفوذها داخل العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين , في ظل سكوت عربي مطبق والدول الكبرى لعبت دور المتفرج والمراقب عن بعد لأنها رأت بأن هذا النفوذ الإيراني والضعف العربي يخدم مخططاتها الكبيرة.

س2/ماذا قدمت ايران لامريكا لتبسط نفوذها على الدول العربية وماهو الدور الذي تلعبه كل منهما في منطقتنا العربية ؟

ج 2/ كما تحدثت سابقاً ان ايران وأمريكا كل منهما له مصالحه في بلادنا العربية وكل له أهدافه المستقلة عن الآخر فعندما شرعت ايران ببسط نفوذها بشكل تدريجي قدمت خدمة كبيرة لأمريكا وإسرائيل بشكل غير مباشر لأن هذا النفوذ ساهم في اضعاف الدول العربية وخاصة العراق وسوريا ولبنان واليمن ورفع من درجات القلق عند جميع الدول الخليجية التي دقت جرس الإنذار من النفوذ الإيراني ما جعلها تطلب الحماية بشكل أكبر من أمريكا وهذا يعني انفاق ملايين الدولارات وشراء ترسانات كبيرة من الأسلحة وهذا كله خدم أمريكا وحلفاؤها وزاد من حجم مصالحها في المنطقة وفتح لها الفرصة لزيادة تواجدها على الأرض بشكل كبير وهذا كله حقق لها مصالح اقتصادية وسياسية كبيرة جداً وقابله خسارات هائلة للدول العربية والخليجية وفي المحصلة كل ذلك صبّ في مصلحة إسرائيل بشكل كبير وقلل من الخطر عليها وساعدها في المضي في المزيد من الخطوات لتنفيذ صفقة القرن.

س3/ من هي الدول التي تطبق التعددية السياسية والأقتصادية؟

ج3/ التعددية السياسية في مفهومها الحقيقي وفي نظرياتها الثابتة لاتوجد في دولنا العربية بشكل حقيقي وانما وجدت تعددية سياسية مزعومة في العديد من الدول ولكن في الحقيقة هي بعيدة كل البعد عن أسس الديمقراطية الحقيقة ومازال معظم حكامنا العرب يمارسون دكتاتوريتهم بشكل غير مباشر ويسيطرون بيد من حديد على العملية السياسية في بلدانهم ومازلنا بعيدين جداً عن الديمقراطية وعن الأنظمة السياسية العادلة التي تضمن التعدد الحزبي الحقيقي ومازلنا نفتقد القوانين الانتخابية العادلة التي تضمن هذه التعددية المطلوبة والتي تسمح بانتخابات نزيهة وعادلة.

س4/ ما هو الفرق بين التعددية السياسية والتعددية الإقتصادية؟

ج4/ التعددية السياسية هي السماح بحرية ممارسة السياسة للجميع وحرية تشكيل الأحزاب وحرية الترشيح في الانتخابات ووجود قانون الانتخابي عادل يضمن لهذه الأحزاب الدخول في معترك الصراعات السياسية والأهم ان هذا القانون الانتخابي يعطي الحرية الكاملة للمواطن أن يختار من يمثله في مجلس النواب والحكومة, أما التعددية الاقتصادية فأنا في الحقيقة لا أؤيد هذا المصطلح لأن أي حكومة في العالم يجب أن تختار مايلائمها ويلائم البلد الذي تحكمه من الأنظمة الاقتصادية الموجودة في العالم فمثلاً النظام الاشتراكي أو الراسمالي أو اقتصاد السوق او مايسمى بالاقتصاد الحر وغيرها من الأنظمة الاقتصادية المعروفة والتي وضعت أسسها العلمية ونظرياتها من قبل علماء متخصصين في مجال الاقتصاد, وهذا يعني بان أي حكومة يجب ان تختار نظام اقتصادي واحد وتطبقه على البلد لا أن تخلط بين هذه الأنظمة لأن كل نظام له سياساته وأيديولوجياته ونظرياته ولا يمكن الخلط والدمج فيما بينها ولكن يمكن أخذ أحد الأنظمة والتعديل عليه بما يتلائم مع وضع البلد واقتصاده والاستفادة من تجارب العالم السابقة من خلال دراستها بشكل جيد واستنباط الأمور التي يجب تعديلها وتطبيقها على اقتصاد البلد وهذا كله لاي تحقق الا باستعانة الحكومات بالمتخصصين في مجال العلوم الاقتصادية والمالية والإدارية.

س5/ كيف لدول الثورات العربية تطبيق التعددية وهي تحت سيطرة الدول الغربية ؟

ج5/ دولنا العربية جميعها وكما أسلفت لا تشجع على التعددية الحقيقة لاسباب عديدة أهمها تاثير الدول الغربية التي تسيطر على قراراتها وتتدخل في سياساتها بشكل مباشر أو غير مباشر وكذلك لأنها تتعارض مع مصالح حكوماتها وتقلل من نفوذها وتقلل من حجم مصالحها ولذلك نلاحظ أن معظم الحكومات العربية تحارب التعددية السياسية بكل الوسائل سواء بالقوانين العامة أو القوانين الانتخابية أو بأساليب القمع المباشرة وتعطي فسحة بسيطة من هذه التعددية وتسلط عليها اعلامياً حتى تثبت بانها حكومة ديمقراطية تحكم بالعدل وتنشر الحرية بين الناس ولكن ماوراء الكواليس والنوايا أدهى وأمرّ.

س6/ من هو المسؤول عن التهجير القسري وما هي أهدافه ولماذا يصمت المجتمع الدولي عن ما يحدث بالدول العربية؟

ج6/ التهجير القسري أو الاختياري هو محصلة طبيعية لأي اضطراب أمني أو سياسي أو عسكري أو إرهابي يحدث في أي منطقة حيث يكون الخاسر الأكبر في تلك الاضطرابات هو المواطن البسيط الآمن حيث يلجأ الى الهجرة لأي مكان أكثر أمناً له ولعائلته من أجل حمايتهم وهذه غريزة طبيعية في الانسان ونتيجة هذه الهجرة وترك المنزل والبلدة معاناة كبيرة لهذه العوائل ونقص كبير في أبسط المتطلبات الضرورية للحياة وترك للتعليم وانتشار الامراض والجوع والعيش بظروف قاسية جداً, والاحصائيات الأممية الرسمية اشرت حجم هذا النزوح والتهجير بشكل عام حيث جاء في أحدث الاحصائيات أن عدد النازحين والمهجرين في العالم تجاوز 71 مليون انسان وهذا ارقم مخيف ويجب ان يقلق كل الحكومات والمنظمات الدولية ولكن مع الأسف نلاحظ ان الإجراءات المتخذة متواضعة وضعيفة جداً لا توازي حجم المعاناة التي يقاسيها النازحون والمهجرون, وكانت حصة بلادنا العربية من هذه الأعداد كبير جداً نتيجة التحديات الإرهابية الكبيرة والتدخلات الدولية والاضطرابات السياسية في العديد من البلاد وكانت حصة الأسد من هذه الاعداد للعراق وسوريا واليمن وبقيت الدول الكبرى تلعب دور المتفرج على هذا الوضع الغير انساني الذي يعاني منه النازحين والمهجرين وبقيت ساكتة لاتحرك ساكناً لأن كل اضطراب سياسي أو عسكري أو امني أو إرهابي في بلادنا يخدم مصالها الاستعمارية والسياسية والاقتصادية ويعجل لها بتنفيذ مىربها وخططها الاستراتيجية في السيطرة على خيراتنا ومواردنا الاقتصادية.

س7/ تصرف الملايين من أجل المؤتمرات ويتم التباكي من الوضع الإقتصادي والعجز عن تأمين ادنى مستلزمات الحياة للشعوب لماذا ؟

ج7/ أكثر ما يكرهه المواطن العربي هو المؤتمرات التي تعقد في كل المناسبات والتي تنفق عليها الملايين ولايحصد منها المواطن غير الخطب الرنانة والشعارات الفارغة والتغطيات الإعلامية المملة التي لاتسمن ولاتغني من جوع, وهذه المؤتمرات تركز عليها حكوماتنا لغرض تغطية فسادها وعجزها عن تحقيق العدالة للمواطن والترويج لانجازات ورقية لاوجود لها على أرض الواقع والأمثلة في هذا الجانب كبيرة ولايمكن حصرها ومنها مؤتمرات القمة العربية التي تنفق عليها المليارات ولم تخرج بقرار واحد طوال العشرات من السنين يصب في مصلحة الشعوب العربية فحكامنا يجيدون الكلام والحديث ولايجيدون تحقيق العدالة والأمان لشعوبهم .

س8/ ماهو دور داعش وتواجدها وتاثيراتها ولماذا توجهوا لسورية بدلا من الدفاع عن العراق؟

ج8/ ان داعش والقاعدة وطالبان وغيرها من المسميات التي ستظهر مستقبلاً هي عبارة عن فصول من مسرحية أعدتها وأخرجتها بشكل مفضوح أمريكا واسرائيل وحلفاؤهما وهم الذين يحركون خيوطها بحرفية ويوجهوها أينما شاؤوا لكي يخدموا مصالحهم الاستعمارية ولقد استخدموها كوسيلة ضغط على الدول التي تواجدت فيها لتحقيق مآربهم الدنيئة وما حدث في أفغانستان أثبت هذا الكلام بشكل لايقبل الشك فبين ليلة وضحاها تم تسليم دولة كبيرة مثل أفغانستان بيد طالبان دون أن تسمعي طلقة رصاصة واحدة والأسباب معروفة لمن يقرأ الاحداث جيداً وبهدوء ولذلك تجدين داعش يوماً في العراق ويوماً في سوريا ويوماً آخر يتم توجيههم الى جهة أخرى.

شكرا سعادة السفير د.رائد الهاشمي على ما منحته لنا من خلال فكركم وحوارنا
تحياتنا لشرفاء العراق

زر الذهاب إلى الأعلى