فتوى عن الصيام

بقلم : ا.د / عطية لاشين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

يقول في رسالته :
ما حكم الصيام بعد انتصاف شهر شعبان ؟؟

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم :(فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون )٠
والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم روت عنه كتب السنة (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تطوعا إلا باعد الله وجهه بذلك اليوم عن النار سبعين خريفا )٠
وبعد :
فإن أبواب الخير لمن أراد طرقها وفتحها فتحت له أبوابها على مصراعيها اقصد أبواب الطاعات المندوبة وهي كثيرة في الصلوات غير المكتوبة ،وفي الزكاة غير المفروضة ،وفي الصيام غير شهر رمضان ،وهكذا وكأنها شرعت لحكم غالية ،وأغراض عالية سامية لدرجة أن من كان به قوة لصيام نبي الله داود حيث كان يصوم يوما ويفطر يوما ،فإذا أطاق المسلم ذلك كان ذلك مشروعا ،وكان باب خير كثير، وثواب عظيم ٠
وبخصوص واقعة السؤال نقول :
يخرج عن الإجابة عن السؤال من كانت له مع الله عادة في الصيام على مدار العام كأن كان يصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع على مدار العام كان على عادته ،ولو بعد انتصاف شهر شعبان ،ودل على ذلك ما رواه أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلا كان يصوم صوما فليصم ذلك الصوم )٠
أما من لم تكن له عادة بالصوم أو كانت عادته صيام الأيام البيض من كل شهر وهي أيام الثالث والرابع والخامس عشر من كل شهر قمري ،وأحيا سنة الصيام في شهر شعبان فصام معظم نصفه الأول فهل يشرع له أن يصوم ما بين نصفه الثاني ودخول شهر رمضان ؟؟!٠
نصدر الجواب عن ذلك برواية حديث رواه الخمسة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )٠
وهذا الحديث صحيح عند معظم المحدثين إلا القليل منهم كالإمام أحمد بن حنبل ٠
ورغم صحة الحديث عند جمهرة المحدثين إلا ان اهل العلم اختلفوا في درجة النهي (فلا تصوموا ) فمنهم من حمله على التحريم وهذا مالا نرجحه فأفتى بتحريم الصوم بعد انتصاف شهر شعبان ،ومنهم من حمله على الكراهة فكان الصوم بعد انتصاف شعبان مكروها عنده ٠
وذهب فريق ثالث من أهل العلم إلى الإباحة أي أن الصوم بعد النصف الثاني من شعبان مباح وآخرون أخيرا من أهل العلم من رأى استحباب الصوم في النصف الأخير من شعبان متأولا النهي الوارد في الحديث (فلا تصوموا ) في أنه في حق من يضعفه الصوم فيدخل على صيام الفريضة كسلانا غير نشيط ٠
هذا وللمسلم أن يختار من الأراء السابقة ما يناسبه ،وإن كنت استبعد القول بالتحريم ،وأميل إلى القول القائل بالإباحة أي من شاء صام فأخذ أجر صومه ،وإن شاء أفطر فلا حرج
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد
وكتبه اد عطية لاشين

زر الذهاب إلى الأعلى