شانيل … مائة عام على عرش الموضة

بقلم : عبير ضاهر

إن آمنت بنفسك ستصل إلي حيث تريد فالأزمات والصعاب لا تغلب صاحب العزيمة القوية فمن غرفة بملجأ إلي أيقونة وصاحبة ماركة تجارية في عالم الموضة

كوكو شانيل أو جبريال بونورشانيل الفتاة الصغيرة التي تعلمت الخياطة علي يد الراهبات في دار لرعاية الفتيات الكاثوليك وهى بعمر الثانية عشر بعدما غادرت دار الأيتام التي أوعها فيها والدها عقب وفاة والدتها متأثرة بمرض السل وكانت كوكو بعمر السادسة من عمرها حينها كما وأرسل أخواتها للعمل في مزارع بوسط فرنسا وكان لكوكو خمسة أخوة ثلاث بنات وولدين عاشوا جميعهم في غرفة ضيقة وصغيرة ورغم أن كوكو ولدت فى 19أغسطس من عام 1883 إلا أن والديها تزوجوا بعام 1984 وكان الأمر مستهجنا وقتها في أن تنجب المرأة بدون زواج وإن كان يحدث بالفعل وفي احدى الأيام دخلت مع صديقة لها إلي ملهى ليلى يرتاده الضباط الفرنسين وهناك غنت لأول مرة وسط سخرية الجمهور منها وظلوا يرددون خلفها كلمة من أغنيها وهى (كوكو..كوكو ) لأن كلمات أغنيتها تقول أين كوكو أبحث عن كوكو أو فتش عن الديك والمفارقة أنه من وقتها اشتهرت

IMG 20230305 WA0020

وعرفت بهذا الأسم مع أنها رأت ألا تكمل في العمل كمغنية في الملاهى وعادت للخياطة وجائتها فكرة تصميم القبعات وبيعها والتي كانت تقبل علي إرتدائها سيدات المجتمع وقتها فافتتحت أول متجر لبيع القبعات في عام 1910 وذلك بمساعدة رجلاً كان محباً وشغوفاً بها ومؤمن بموهبتها وقدراتها ربط بينهم الحب وظلا معاً لسنوات هي أحبته إلا أنه رفض الزواج منها وقد ألمها ذلك ولكنها ظلت معه وسبب رفضه الزواج منها قد يكون رأها غير مناسبة للزواج من رجل ينتمى لعائلة عريقة وثرية بينما هى فتاة بسيطة عاشت في ملجأ ثم بدار رعاية تابعة لإحدى الكنائس وق ترك الأمر بداخلها جرح لم يلتئم و ربما كان هذا هو السبب في رفضها الزواج طيلة حياتها الممتدة إلي 87 عاماً إلا أنه كان لها علاقاتها الغرامية والعاطفية المتعددة وكانت تدعو وتعرف بمودمازيل شانيل لأخر عمرها ، وبجانب بيع القبعات بدأت في تصميم الفساتين وأستعانت بمواد لم تستخدم من قبل في صناعة أزياء النساء مثل الجرسيه الذى كان قاصر علي صناعة الملابس الداخلية للرجال كما أدخلت البويد والتريكو في تصميماتها لأنها رأت أنها أقمشة مريحة وعملية ورخيصة الثمن يسهل إنتشارها وإرتدائها من قبل أكبر عدد من النساء وخاصة أن بهذا الوقت قد خرجت المرأة للعمل لسد حاجة السوق بعدما ذهب عدد كبير من الرجال للحرب ومن ناحية أخرى ساعدت كوكو بتلك الأقمشة في التصاميم في رفع العبء والمعاناة عن النساء والتخلص من إرتداء مشدات الصدر والملابس المصنوعة من الأقمشة الثقيلة والأزياء ذات الطبقات والكرانيش والياقات العالية والكلوشات المنفوشة والزخرفة المبالغ فيها وروجت في عروضها للبناطيل والجونلات والبذلات النسائية كما حولت اللون الأسود من مجرد لون ترتديه النساء في مجالس العزاء وأوقات الحداد إلي لون يرمز للأناقة والتميز حيث فاجئت متابعيها بتصميم فستان باللون الأسود علي صفحة مجلة للموضة معقبة أن كل النساء سترتدى هذا الفستان وتم إدراج الأسود ضمن الملابس الرسمية وكان ذلك عام 1926 وكانت ترى أن المرأة يجب أن تحصل علي المجوهرات بأسعار مناسبة فعملت علي خلط المجوهرات الأصلية بالتقليد والأصلي بالمزيف ونفذت فكرتها هذه بأن أظهرت كل عارضات بيت أزيائها يرتدين هذا المزج من الأكسسورات وفي عام 1923 صممت أول تايير ولكن لم يروق للنساء حينها ولكنها أعادت تقديمه مرة أخرى بعام 1954 ليلقي رواجاً وإقبالاً مدهشاً وارتدته نساء الطبقة الراقية ونجمات السينما ونساء المجتمع وهو عبارة عن قطعتين جاكيت بأكمام طويلة وجونلة بطول الركبة وأزرار ذهبية بارزة ومزخرفة ولأنها تحب ركوب الخيل ووجدت أن الجونلة غير مناسبة فشجعت علي إرتداء البناطيل والطريف أنها ذات مرة أرادت أستعارت بنطاول رجالى لتركب الحصان ولما عادت قررت أن تصنع بنطالون حريمي ولم تكتفي كوكو بتصميم مختلف الأزياء بل صممت حقيبة تحمل باليد تشبه حقائب الجنود فوجدتها ثقيلة فطورتها وحولتها لحقيبة كتف بحجم ووزن أقل فأقبلت عليها مشاهير المجتمع من سيدات المجتمع ونجمات السينما والتي إرتدى من تصميم أزيائها نجمات العصر الذهبي للسينما العالمية مثل كريس كييلي وأودرى هيبرن وسيدة أمريكا الأولى حينها جاكلين كيندى أما مارلين مونرو فقد وقعت في حب عطرشانيل رقم 5 فروجت له علي نطاق واسع مما ساعد علي تضاعف الإقبال علي إقتنائه ، وبأوائل الثلاثينات حدث ركود إقتصادى عالمي ألحق الخسائر بمبيعات دارأزياء كوكو ومع إندلاع الحرب العالمية الثالثة أدى لإغلاق أعمالها وأثناء إحتلال المانيا لفرنسا أرتبطت كوكو بضابط عسكرى ألمانى وبسبب هذا تم إستجوابها ولكن لم توجه لها تهمة الخيانة ولكن الفرنسيين اعتبروا علاقتها تلك خيانة لبلدها فرأت كوكو أن تبتعد لفترة عن الأنظار والتهم التي تلاحقهم وسخط الفرنسيين عليها فتقاعدت في عام 1938 ولكن عادت في 1954 بأن غادرت شانيل باريس وقضت سنوات في سويسرا كما ظلت لفترة في منزلها الريفى علي سبيل الراحة أما في عمر السبعين فعادت كوكو مجدداً إلي عالم الموضة ولاقت عودتها ترحيباً محدوداً ولكن بفضل تصميماتها المريحة للنساء تجدد الإقبال على تصاميمها وحصلت على مسوقين من جميع أنحاء العالم ،لتمتعها بشعبية كبيرة في الوسط الأدبي والفنى وفي عام 1969 قدمت مسرحية تتناول حياة كوكو شانيل بأسم براد واى الموسيقية كوكو تستعرض فصول حياتها المثيرة للأهتمام والدهشة معاً وقد جمعتها صداقات وطيدة بكبار وألمع شعراء وفنانين وكتّاب عصرها والذين كانت تراهم بأحلامها حينما تقدم بها العمر بعدما رحلوا تباعاً ، وقد شكلت كوكو وعدت جزء من تاريخ الموضة الفرنسية وصاحبة علامة تجارية تحمل أسمها وواحدة من أهم مائة شخصية عالمية مؤثرة في القرن العشرين وقد صاحبت الثورة التي أحدثتها كوكو في عالم الأزياء حركات تحرير المرأة والمساواة في مطلع القرن الماضي , ذكر ضمن ماكتب عن كوكو أنها تم خطبتها في عام 1993 ولكنها لم تتزوج ولم يكن لها أولاد , ومن فرط محبة كوكو لعملها كانت تلازمها عادة غريبة وخطرة فقد كانت تنام كوكو وبيدها المقص ورغم تحذيرات المقربين منها خاصة مرافقتها الخاصة وخادمتها لكنها لم تتوقف وظلت كوكو مقيمة في جناح فاخر بفندق الريتز كارلتون ولمدة 37عام ويوم وفاتها قالت مرافقتها أن كوكو إرتدت ملابس أنيقة وخرجت للتجول لوقت ثم عادت وتمددت على سريرها وهى تقول هكذا يجب أن نستقبل الموت ورحلت في العاشر من يناير عام 1971

post

وتولي عدد كبير إدارة دار شانيل كان أهمهم مصمم الأزياء الألمانى كارل لجرفيلد والتي مازالت دار شانيل تزدهر وتحقق مئات الملايين من المبيعات كل عام , و أما عن سر عطر شانيل رقم 5 فهوربما يحمل رقمها في دار الأيتام التي بقت فيها لوقت أو هو رقم حظها الذى حدثتها عنه إحدى العرافات ولكن السبب الأوحد لقصة هذا العطر أن كوكو كانت تتألم بعد مصرع حبيبها أرثر بوي كابيل الرجل الذى دعمها وساندها وأحبها بشدة والذى لقي مصرعه في حادث سيارة لتدخل هي في حالة من الحزن والأسي عليه وساءت حالتها النفسية و لم تخرج منها إلا بفضل هذا العطر الذى كلفت خبير للعطور بإبتكارعطر تجريدى يصعب تميز مكوناته علي أن يكون فريدا ومميزا يصعب تقليده فضم العطر 80 مكون من خلاصة عدد من الزهور وروائح بعض الفواكه وكان قبلها يتم صناعة العطور من الزيوت النباتية أما هذا العطر فكان من الزيوت الإصطناعية وقادم خبير العطور بتركيب ثلاثة عطور أختارت كوكو أقربهم وأفضلهم وظهر العطر في عام 1921 يختزل مشاعرها ويحوى ذكريات عشقها وبهذا احتفظت كوكو بقصة حبها في قاروة عطر تحمل أسم شانيل رقم 5 والذى تقبل النساء حول العالم بإقتنائه وتجربته إلي وقتنا الحالي ، وإن كانت كوكو قد رحلت إلا أن عطرها الفريد مازال يفوح في الأنحاء وأسمها يضوى متلألاً وهو يتربع علي عرش الموضة .

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى