عبدالرحمن النمري يكتب ” الإرهاب الإلكتروني تأثيره وطرق الوقاية منه “

عبدالرحمن مسلم النمري

 

في مرحلة زمنية قريبة كان الإرهاب الإلكتروني مثار جدلٍ في أوساط الحكومات الدولية والناشطين في مجال الأمن السيبراني، إذ أنكر البعضُ فاعلية التهديدات الإليكترونية، وأثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت جرائم الإرهاب تعتمد على مثل هذه التقنية في التجنيد، والإعداد العملياتي، والتنفيذ. إلّا أنّ اكتواء العديد من الدول بجرائم إرهابية ذات نسق مختلف عن العمليات التقليدية، يبدو وكأنّه حسم هذا الجدال لصالح الرأي القائل بأن الإرهاب الإلكتروني سينظر إليه في غضون القرن الحالي، كأحد أخطر أدوات التنظيمات الإجرامية.

يمكننا القول أن جرس الإنذار الذي حذر العالم من خطورة الإرهاب الإلكتروني كان في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وتحديدًا عقب تفجير أوكلاهوما في الولايات المتحدة، في عام 1995، فوضعت لجنة مارش الشهيرة بعد ذلك بعامين، مشهد التهديد السيبراني المتزايد على خريطة السياسة في واشنطن.
ومن هنا، بدأ البحث عن تعريف قانوني للإرهاب الإلكتروني يميّزه عن جرائم الاحتيال عبر الإنترنت، حتى خلُص بعض الباحثين إلى وصفه بأنّه (التدمير غير القانوني أو تعطيل الملكية الرقمية لتخويف أو إجبار الحكومات أو المجتمعات من أجل السعي إلى تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية).

 

post

ورغم اختلاف المنطوق اللفظي لتعريف الإرهاب السيبراني من دولة إلى أخرى، فإنَّ المعنى الذي أتفق عليه الجميع دون شكٍ أنه يصف جرائم الإرهاب التي يستخدم الإنترنت في ارتكابها.
ورغم أهمية تأطير مفهوم التهديدات الإرهابية الإليكترونية في صيغة قانونية، فإن التحدي الأكبر أمام الأجهزة الأمنية يكمن في صعوبة معالجة هذه التهديدات، فالكثير من قضايا الإرهاب الإلكتروني تبدو وكأنها صندوق أسود، فالقائم خلف الجريمة قد يكون أي شخص، وفي أي مكان، وربما فردًا عاديًا ليس له انتماء سياسي أو توجّه فكري، أو ارتباط عضوي بأي منظمة إرهابية. والأخطر من ذلك، أن تلجأ جماعة إرهابية إلى توظيف مجرمين متمرسين لتنفيذ مخططاتها، أو أن تُسَخِّرَ دولة ما قدراتها الضخمة في تهديد سيبراني لدولة أخرى بغرض التأثير على مناخها الاقتصادي أو السياسي.

لتقدير تأثير الإرهاب الإلكتروني على الدول يجب فهم أنّه ليس موّجه بشكل رئيس إلى أهدافٍ عسكريةٍ، وإنّما يستهدف نطاقات الحياة اليومية للمواطنين. فالتهديدات السيبرانية تسعى إلى خرق أنظمة النقل والمواصلات، أو محطات الطاقة الكهربائية، أو شبكات الطاقة، أو شبكات الاتصالات، أو المكونات الرئيسية الأخرى للبنية التحتية للدولة. هذا علاوة على الاستخدام التقليدي المعنيّ بالتنسيق والتواصل وتزييف هويات منفذي العمليات الإرهابية الجسدية.
لذا، فإن طرق الوقاية من هذا النوع المستحدث من الإرهاب ليست مسؤولية الحكومات وحدها، فشركات القطاع الخاص التي تتولى مسؤولية إدارة بعض المرافق، أو الخدمات الاستراتيجية يجب أن يكون لها جيشها الإلكتروني المجهز والمدّرب على صدّ أي هجمات من شأنها قرصنة بياناتها، أو تعطيل خدماتها بغرض إشاعة الفوضى، أو إثارة البلبلة والقلاقل داخل الدولة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى