حتي لا تموت الرموز 

أول شهيدة مصرية في تاريخ النضال النسائي

د.سحر السيد 

شاركت المرأة المصرية في ثورة 1919 بالخروج إلى الشارع، لتكون المرة الأولى في ثورات التاريخ المصري الحديث على غير ما كان قبل ذلك، فكانت مشاركتها من قبل من خلال تجميع التوقيعات النسائية لدعم عرابي، وعن طريق جمع التبرعات وتكوين فرق لتحضير الضمادات ولوازم الجرحى لإرسالها للأطباء، أما ثورة 1919

IMG 20211207 WA0004 2

شهدت خروجاً عظيماً للنساء المصريات في المظاهرات للمطالبة بالحرية والاستقلال مما جعلهن في مرمى المستعمر وتصويب البنادق باتجاههن مما أسفر عن سقوط العديد من الشهيدات.

 

post

فمعظم الكتب والوثائق التي يتم تداولها حول اسم أول سيدة سقطت شهيدة للحرية في ثورة 1919 تختلف حول اسم هذه السيدة؟ فبعض الكتب تقول إنها “شفيقة محمد” وكذلك رائدة الحركة النسائية في مصر السيدة «هدى شعراوي» قالت إن «شفيقة محمد» هي أول شهيدة في الثورة، بل إنها كتبت عنها قائلة.. «لن أنسى الأثر المحزن الذى أحدثه ضرب أول شهيدة مصرية وهى السيدة شفيقة بنت محمد في نفوس الشعب عامة، وقد تجلى ذلك في تشييع جنازتها التي اشتركت فيها كل طبقات الأمة حتى صارت جنازتها مظهرًا من مظاهر الوطنية المشتعلة».

IMG 20211207 WA0003

ولكن هناك وثائق أخرى تتحدث عن اسم “حميدة خليل” باعتبارها الشهيدة الأولى، حتى أن المجلس القومي للمرأة في مصر يعتمد هذه الشهادة، ويسجل على موقعه هذه المعلومات التي تقول الفتاة الثائرة (حميدة خليل) من حي الجمالية بمدينة القاهرة، كان سقوطها بالرصاص الإنجليزي وهى تشارك في الصفوف الأولى أثناء تظاهرة أمام مسجد الحسين، وهو المفجر الأساسي لثورة 1919.

 

فلم يكن أحد يعرف اسمها بعد، فهي واحدة من ضمن عدد قليل من السيدات اللاتي قررن الخروج للإعلان عن رفضهن للاحتلال الإنجليزي، ولكن بعد ساعات قليلة في 16 مارس 1919 كانت دمائها التي سالت برصاص الاحتلال الإنجليزي تكتب التاريخ وتضعها كأول شهيدة في صفوف الثائرات المصريات، ويتناقل خبرها بين الجميع لتتحرك الثورة ويعم الغضب في جميع أنحاء البلاد ففي 16 مارس 1919، وقعت حميدة خليل شهيدة برصاص الاحتلال الإنجليزي، خلال مشاركتها في المظاهرات النسائية الأولى، التي كانت تدعم سعد زغلول في منفاه، وكانت حميدة واحدة من ضمن 300 سيدة أخرى قررن التخلي عن الصمت، والوقوف أمام التقاليد والممنوعات ليقلن قولة حق بقيادة رائدة الحركة النسائية هدى شعراوي، متمنيات أن يكون مستقبل بلادهن أفضل وأن يرحل الإنجليز عنها، ولكن لم تستطع حميدة أن ترى حلمها يتحقق، فبعد أن أرداها الرصاص قتيلة غارقة في دمائها، فمنذ استشهادها أمام منزل سعد زغلول يتم الاحتفال بيوم 16 مارس كيوم للمرأة المصرية، وكان فقدانها شرارة لنساء مصر للمطالبة بحقوقهن، فتظاهرن مرة أخرى في 20 مارس بعد أيام من الواقعة، وبأعداد أكبر قدرت بـ 1500 سيدة، ليعلن للمجتمع عن وجودهن وعن أهمية دورهن، لتتوالى بعدها نجاحات نساء مصر في إثبات تفردهن وقدرتهن على الاشتراك في صنع مستقبل هذا البلد.

 

وهكذا وبفضل حميدة خليل، أول شهيدة في مصر، ماتت لأجل دفاعها عن الوطن واستقلاله من الاحتلال البريطاني، سرعان ما لحقتها غيرها في مظاهرات نسائية، انتقلت عدواها من الطبقة الأرستقراطية إلى شرائح الطبقة الوسطى، ومنها إلى نساء الطبقة العاملة، التي سقط منهن شهيدات في ثورة 1919.

 

ومع الأسف يسود عدم اهتمام بسرد تلك الوقائع بشكل عام، فيتم الانحياز عن طريق التاريخ غير الدقيق والمنتقص الحقائق، مهدرًا حقوق أبطال حقيقيون ضحوا بأنفسهم في سبيل علو مصر ورخاءها، ولا يتذكر المتناول لتلك الحقبة العظيمة من تاريخ البلاد إلا صفية زغلول، وهدى شعراوي، وهو ما يعد إنكارًا للدور العظيم والمدهش الذي أدته المرأة المصرية خلال الثورة وبعدها.

 

وفي النهاية هذه بعض أسماء الشهيدات المصريات، والأولى هي «حميدة خليل» من الجمالية واستشهدت في مظاهرة بالسيدة زينب، ثم «سيدة حسن» من المناصرة بحي عابدين، «شفيقة محمد» من حي الخليفة، «سيدة بنت بدران» من كفر الوزير دقهلية، «رقية بنت أحمد متولى» من تفهنا الأشراف، وفى الفيوم استشهدت ثلاث أيضاً «حميدة سليمان» و«فاطمة محمود» و«نعمات محمد»، وفى أسيوط استشهدت أختان هما «فائقة عبدالله الشامي» و«نجية عبدالله الشامي»، وفى الجيزة استشهدت «نعيمة عبدالحميد محمد»، وبالإسكندرية استشهدت «فهيمة دهمان» و«نعيمة بنت على»، ومن عابدين بالقاهرة استشهدت السيدة «عائشة محمد»، ومن بلدة دنديط ميت غمر «حنيفة أم عجوة»، أما منيا القمح فقد سقطت فيها شهيدتين الأولى «أم محمد بنت جاد»، والثانية «يمنى بنت صبيح»، وفى القاهرة سقطت ثلاث شهيدات «عائشة عمر» بالسروجي ببولاق، و«شفيقة محمد» في الخرطة القديمة قسم الخليفة، والسيدة «فهيمة رياض» في الدرب الأحمر، وفى قرية العزيزية استشهدت السيدة «عالية»، زوجة الشيخ حسن الجزار، وهى تدافع عن عرضها ضد الجنود الإنجليز، وفي نزلة الشوبك استشهدت زوجة «سليمان محمود الفوال» وهى تدافع عن عرضها أيضاً. وتستحق كل منهن أن يكتب اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الثورة المصرية وفى سبيل كفاح المرأة المصرية التي نحتفل كل عام بيومها المجيد.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى