إرتفاع نسب الطلاق يهدد النسيج الٱسرى

تقرير الإعلامية/ صباح السمير
كثرة حالات الطلاق، يشكل تهديدًا للبناء الأسري في المجتمع، فقد كشفت إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قبل أيام عن أن عدد شهادات الطلاق على مستوى الجمهورية 211521 شهادة عام 2019 مقابل 198269 شهادة عام 2018، وقد ارتفع معدل الطلاق من 2.1 لكل ألف من السكان عام 2020 إلى 2.2 لكل ألف من السكان عام 2018.
فيما أشارت الإحصائية أيضا إلى أن عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية بلغت 887315 عقدا عام 2018 مقابل 912606 عقود عام 2017، وقد انخفض معدل الزواج من 9.6 لكل ألف من السكان عام 2017 إلى 9.1 لكل ألف من السكان عام 2018.
ولعل هذه المؤشرات التى تعكسها تلك الأرقام تثير علامات استفهام حول ظواهر اجتماعية تستحق التوقف عندها ودراساتها
“الهرم نيوز” تكشف أسباب ارتفاع تلك النسب وسبل ايجاد حلول لمواجهتها…
أزمة قيم
ترجع الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، ارتفاع نسب معدلات الطلاق خلال السنوات الماضية وكذلك العزوف عن الزواج وتراجع معدلاته، إلى أن أهم الأسباب لتفاقم تلك الظاهرة هي أزمة القيم التي تواجه المجتمع المصري وغيابها عنه، كلك عدم فهم “الزواج” بل اعتباره للاستمتاع فقط وليس بناء لأسرة تكون نواة للمجتمع بدون تضحية وتعاون، هذا بالإضافة إلى تراجع دور الجهات المعنية بالأمر كالإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والثقافية.
ولفتت إلى أن السبب ليس العامل الاقتصادي فحسب بل كل العوامل السابق ذكرها، فالعامل الاقتصاد ليس صاحب التأثير الأول بل غياب القيم والمفاهيم السليمة وأساليب التنشئة وقوة التحمل وأنانية الطرفين وعدم تحمل المسئولية كلها أسابا أدت إلى زيادة ظاهرة الطلاق والعزوف عن الزواج.
حروب الجيل الرابع
وأشارت إلى أن هناك اختراقا ثقافيا أدى إلي التفكك الأسري، فلقد عاني الغرب في الفترات الماضية من هذا التفكك الأسري ولكنه الآن تدارك الأمر وبدأ في تصحيح أخطائه، ولكن تصدير وانتشار المفاهيم المطلقة والاستقلالية ما هي إلا جزء من “حروب الجيل الرابع” وهذه هي أخطر أنواع الحروب التي نواجهها لأنها مهددة للسلم الاجتماعي فهناك صفحات متخصصة ومنصات موجودة بالفعل على ساحة الإعلام والميديا هدفها تفكيك المجتمع وتنفيذ أجندة سياسية، في غياب تام وخمول للمؤسسات المعنية بذلك لعدم وجود خطط فعلية للمواجهة على المدى البعيد والوعي بكيفية مواجهة حروب الجيل الرابع، لذلك أناشد بضرورة تكاتف كافة أجهزة الدولة لمواجهة تلك الظاهرة.
تحمل المسئولية
ومن جانبه يوضح الدكتور وائل وفاء استشاري العلاقات الإنسانية وتنمية المهارات أن زيادة نسبة معدلات الطلاق وتراجع الإقبال على الزواج هي واحدة والسبب الرئيس هو عدم رغبة أي طرف من تحمل المسئولية، كذلك العامل الاقتصادي له دور مؤثر نظرًا لارتفاع المهور وتكاليف المعيشة، كذلك هناك تشجيع للخروج على العلاقات الأسرية السليمة بالترويج للعلاقات غير السوية وهذا موجود بالفعل في الميديا، وتناول الأعمال الدرامية للعلاقات غير الشرعية، ومن هذا المنطلق إن تكون هذه هي النتيجة التي رصدتها الإحصائية في ارتفاع معدلات الطلاق وكذلك تراجع نسب الزواج للتخلص من المسئولية.
ويضيف أن العزوف عن الزواج هو اختزال الرباط المقدس في معاملات مادية، لذلك يجب إعادة تشكيل وصياغة ثقافة المجتمع وذلك لوجود خلل واختلاط بالمعايير.
التوعية المجتمعية
وتتفق الدكتورة رحاب العوض أستاذ علم النفس السلوكي، مع الدكتور وائل وفاء أن العامل المادي والمغالاة في الماديات والتطلع المادي للطرفين والتقليد الأعمى تلك هي الأسباب الرئيسية للظاهرتين بالنسبة الارتفاع معدلات الطلاق وتراجع نسب الإقبال على الزواج.
وأشارت أيضا إلى أن عدم الإحساس بالمسئولية وعدم وجود توعية مجتمعية لأهمية الأسرة والكيان الأسري والانتماء وأن الاستقرار الأسرة جزء لا يتجزأ من استقرار المجتمع والوطن، هذا بالإضافة إلى أن الثقافة الضحلة لمستخدمي “السوشيال ميديا” والبرامج والتي تؤثر عليهم بشكل كبير، لذلك من الضروري وجود توعية مجتمعية بالمدارس والجامعات والأندية وزيادة الرقابة على البرامج التليفزيونية والمسلسلات والعمل على التوعية الاقتصادية وعدم المغالاة في المهور وتغيير ثقافة المظاهر والعمل على التوعية الثقافية للارتقاء بالنفس واختيار الشريك.
نواة الأسرة
وعن دور الإعلام لمواجهة تلك الظواهر يقول الدكتور محمد المرسي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الإعلام ليس وحده المسئول ولكن الدور الاجتماعي أكثر أهمية للتوعية بدور الأسرة والعمل على أن مؤسسة صغيرة، كذلك أساليب النشأة والمفهوم المأخوذ عن الزواج مؤثر لبناء الأسرة في المستقبل، هذا بالإضافة إلى أن هناك شيئًا من الاهتزاز إذ لم تعد الأسر تهتم بأساليب النشأة وزرع التوعية بمفهوم الأسرة وترابطها لانشغالهم بجمع الأموال نظرًا للحالة الاقتصادية والظروف الحياتية والتي أثرت إلى حد ما على العلاقة بين الزوجين.
وأضاف، بات من الضروري أن المؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية القيام بدورها في تشكيل العلاقة بين الزوج والزوجة، أما وسائل الإعلام فهناك شبة غياب لبرامج الأسرة والمرأة وبرامج الأطفال باعتبارهم نواة الأسرة فيما بعد، فهذه البرامج تعمل على توعية الأسرة وكيفية استمرارها بشكل سوى سليم مقارنة بفترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات فنحن نتراجع في هذه النوعية من البرامج مع عدم وجود تفكك أدي إلى ارتفاع نسب الطلاق.
بناء الإنسان
وأشار إلى أن أهمية دور المؤسسة الثقافية والإعلامية في بناء الإنسان وثقافة تأسيس العقل والوجدان والارتقاء بالعلاقات، أما فيما يتعلق بالتناول والمحتوى الدرامي المقدم والذي بدور يؤثر في السلوكيات فهو يعمل على تسطيح وتغييب نتيجة أن المحتوى فارغ ليس له شكل ولا مضمون ولا فكر ولا رسالة يمكن أن نخرج بها، لذلك فيجب التركيز والاتجاه على بناء الإنسان بشكل جيد من خلال المؤسسة الثقافية والدينية بالإضافة إلى وسائل الإعلام لأن الارتقاء بالعقل ووجدان الإنسان ومستوى تفكيره ومستوى فهمه لبناء الأسرة وبالتالي سوف يكون هناك توجه جيد وأفضل للأسرة المصرية والذي من خلاله انخفاض معدلات الطلاق لأن بناء الإنسان يؤدى إلى استقرار العلاقات.

زر الذهاب إلى الأعلى