محمد النزهى يكتب … النرجسية والمثالية كيف تتسمم علاقاتنا معهم

 

“الناس نوعان، أحدهم يراك طيب فيحبك، وآخر يراك طيب فيؤذيك.
برنارد شو

إن أصحاب العقد النفسية إن أظهرت لهم المديح أو الإعجاب جعلوا ذلك باباً للاستنقاص منك أنت والارتفاع فوقك!
حيث أنه في لحظة شعوره بأنك شخصية لطيفة معجبة به وتراه شخصاً عظيماً مثالياً فهو لن يصحح اعتقادك ويعيد رسم نفسه بصورة واقعية!
من خلال أن يحدثك عن أخطائه مثلا بدون نبرة تواضع مبتذلة، إنما من خلال استشارتك في كيفية حلّها أو أن يتحدث عن ندمه عنها.

بل سيجعلك تستمر في رؤيته بشكل مثالي، فهو يأخذ منك طاقة الصعود للأعلى!، طاقة تدفعه للبحث عن شخص أفضل منك انت شخصياً.

فأنت سلّمت له بأنه هو المثالي(2)، وهو ساهم بجعل تقتنع بهذه الصورة، حيث أنه يمارس نوع من التضليل الإعلامي، فهو يخفي عنك جميع سلبياته بشكل ممنهج، بالذات إن كان شخص نرجسي سايكوباثي فسيسعده ذلك كثيراً!

post

وستسلّم حتماً بأنك أقل منه!(3) وستعامله على أنه أفضل منك وأنك أنت من تجري ورائه وتتمناه! لماذا؟
لسببين يا صديقي

● لأنك تعلم أخطائك ولا تعلم أخطائه، فانت رسمت عنه صورة مثالية ولم ترسمها عن نفسك لمعرفتك باخطائك أكثر من الآخرين.
ولن تكون أنت أيضا نرجسي لأن النرجسي لا يرسم صورة مثالية عن الآخرين أساساً إنما يبحث عن زلاتهم أو يخترع لهم اخطاء وعيوب لكي يشعر باستمرار أنه أفضل منهم.

● لأن ذلك سينعكس على مشاعرك تجاهه وطريقة تصرفك وتضحياتك، أنت ستضحي لأجل العلاقة اكثر منه كونك أنت من تريد الحفاظ عليه وانت من ترتبط “إرتباطاً فوقياً”(4)، وهو سيكون منتبهاً لذلك ومتفاعلاً معك تماماً، وغالباً سيضعك شخص احتياط حيث أنك تغذي قوته النفسية بمعتقداتك عنه.

لذلك دائماً أنصح بأن لا تكون تلك الطيبة على حساب نفسك ومشاعرك ولمن لا يقدر قيمتك تقديراً حقيقياً.

كما يقول الأديب والفيلسوف الروسي الشهير دوستويفسكي: “عندما تصل مراعاة مشاعر الأخرين إلى إيذاء نفسك.. توقف فورا..”
“ويزيد على ذلك الدكتور مصطفى محمود حين قال: من أشكال احترام الذات، أنت تبعتد عن أي شخص لا يقدر قيمتك.”

الطيبة كذلك لا تتنافى مع انتقاد الاخرين، انتقد النرجسي واخبره عن اخطائه باستمرار ودون ان تكثر الجدال معه، ان جادلك قل له هذا رأيي وحسب، انت لا تحتاج ان تقنعه لان مجرد انتقادك سيجعلك تراه نداً له وهذا ما نريد الوصول اليه، ان نجعله ينزل من منزله العاجي الوهمي!

ان عدم انتقادك للنرجسي او السايكوباثي لا يفيد العلاقة بل يجعلها تتضرر مع الوقت!
أنت الخاسر بالنهاية..
أنت من تبني له غروره.

هناك مثال جميل يطرح
“إننا أثناء القيادة علينا أن نتعامل وكأننا نحن الوحيدين الذي نعرف القيادة في الشوارع، ونحن نتحمل مسؤولية أخطائنا وأخطاء الآخرين”
وهذا المثال فيه إسقاط رائع حيث أننا في علاقتنا مع النرجسي نتحمل مسؤولية أخطائه حين تنعكس سلباً على مشاعرنا! فحين ننتقده نكون مهتمين لأمره ولا نريده أن يرتكب خطئاً يجعلنا نخسره! أو نكرهه.
نحاول نقده نقداً بنّاء، ليس علينا أن نخجل من ذلك..

(يجب ان نتعلم ان نقنع شخص نرجسي بأنه هو المخطئ دون تدميره!، كيف نخرج من دائرة صورة النقص الذي يرانا بها الشخص النرجسي؟).

زر الذهاب إلى الأعلى