ناهد عبدالحميد تؤكد أن الشخصية المصرية موضوع لا ينتهى الحديث عنه
من ناحيته قال الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار الرئيس للشؤون الدينية، إن كتاب “الشخصية المصرية” يحمل قصة وحكاية استغرقت عدة سنوات، بدأت رحلتي مع هذا الكتاب بجمع كل ما أستطيع الوصول إلية من كتابات ومؤلفات، التي كُتبت عن تحليل ودراسة شخصية الإنسان المصري، فهي قائمة طويلة وممتدة بدء بالمدونة الخالدة للعبقري الدكتور الراحل جمال حمدان “شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان”، وصولا إلى كتاب “التحولات في الشخصية المصرية” للدكتورة عزة عزت، وكتاب “تشريح الشخصية المصرية” للدكتور أحمد عكاشة، وكتاب “الأعمدة السبعة للشخصية المصرية” للدكتور ميلاد حنا، وكتاب “ماذا حدث للمصريين في الخمسين عامًا الأخيرة” للدكتور جلال آمين، وعدد كثير من الكتابات التي عكفت على قراءتها لعدة سنوات مضت، بل بدأت في اتساع الدائرة في اقتناء كل ما يمكن أن أقف عليه من المؤلفات التي تحلل الشخصيات القومية والوطنية لدول الجوار، فعكفت على قراءة عدة كتب أقتنيتها حول الشخصية التونسية، والفلسطينية حتى تتسع الدائرة برصد كل نقاط الجوار والوعاء الأوسع الذي يحيط به عالمنا العربي الذي نعتز به كثيرًا.
وتابع الأزهري: أن هذه القراءات أثمرت لدى، لقد بدأت أن أرى في هذه الكتب قدر كبير من دراسة بعض مظاهر التراجع أو التصحر في الشخصية المصرية، وعدد من هذه الكتب المذكورة تعددت وتخصصت في هذه الجزئية، كما هو العنوان الصريح لكتاب الدكتور جلال آمين “ماذا حدث للمصرين في الخمسين عاما الأخيرة”، ولكن قررت الابتعاد عن هذا الاتجاه في الدراسة، وأن أُنحيه تمامًا، فنحن كمصرين درسنا ما يمكن في النواحي السلبية بالعقود الماضية، استطاعنا خلالها أن نضع أيدينا على مفاتيح ذلك، وقررت الابحار أيضا في هذا الاتجاه المعاكس متسائلا أين المقومات، والمفاتيح، والشفرة الدراسية، والخبرة المصرية العريقة المتراكمة عبر قرون؟، وأين المقومات الذي استطاع بها الإنسان المصري أن يصنع هذا العطاء الوطني النادر غير المتكرر، وأين المرتكزات والأعمدة والمفاتيح والنظرية والقيم والخبرة المركزية المؤسسة التي صنعت شخصية الإنسان المصري.
وأضاف: في الحقيقة كنت شغوفًا أن أضع يدي على هذه الشفرة الورقية، والمفاتيح، والأعمدة وأستطيع تلخيصها في موقفين، فكنت أقرأ عن الحضارة المصرية القديمة وعن الهرم الأكبر على وجه الخصوص، ووقعت في يدي كتابات لا حصر لها في هذا من الكتابات العربية، ولكن استوقفني كتاب شديد الأهمية يحمل عنوان: “أنوار علوي الأجرام في الكشف عن أسرارالأهرام لـ الشريف أبي جعفر محمد بن عبد العزيز الحسيني الإدريسي، الذي يحتوى على آثار نادرة ومواقف مزهلة تتعلق بالأهرام، لكن استوقفتني كلمة عجيبة أن خوفو بني الهرم الأكبر حينما شُيد هذه الهرم قال: “هذا الهرم شيدته وبنيته على مدى سنوات فمن استطاع هدمه فليفعل”، فالعجيب الذي يدل على عبقرية هذا الإنسان المصري هذه الكلمة الذي تحدث بها السلطان حسن بن الناصر قلاوون حينما بدأ تشييد مسجده العريق “مسجد ومدرسة السلطان حسن”، قائلا: “هذا مسجد شيدته في ثلاث سنوات فمن استطاع هدمه في 30 سنة فليفعل”، مشيرًا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما حضر إلى زيارة مصر كان من ضمن جدول زيارة مسجد السلطان حسن تحديدا، الأمر الذي استدعاني بسؤلا لماذا يزور الرئيس الأمريكي هذا المسجد تحديدا؟ هذا دليلا على العمق والعزيمة والإصرار، والعلم، والقيمة، والثقة في المنجز المصري.
وأكد الأزهري، الإنسان المصري واثقًا ومتحديًا، ومتسلحًا بالعلم، ممتلئ بالإتقان، قادرًا على تحدى الزمن، والتوفيق في الوقت اللازم للإنجاز، لذلك من نحن في الحقيقة كمصريين، نحن أناس من أيام الفراعنة، والقدماء المصريين، مشيرًا لكتاب الدكتور نديم اليسار الذي يحمل عنوان “المصريون القدماء أول الحنفاء” وهو دراسة علمية موثقة وقراءة منفردة ومتميزة في تاريح المصري القديم، وكيف كان الإنسان المصري عبر هذه الأسر المصرية القديمة، بالإضافة إلى كتب الدكتور وسيسم السيسي أيضا الذي تطرقت هذا الشأن أيضا.
وتسائل الأزهري من نحن؟ ومن نكون؟ وما المستقبل الذي نسعى للوصول إليه؟، موضحا أن مجموعة القيم المركزية التي صنعت الإنسان المصري منذ أن بنى الهرم إلى أن بني مسجد السلطان حسن، والسد العالي أيضا، إلى أن يظل الفلاح المصري البسيط المتواضع يسعى من أجل البناء، وما زالت هذه الكلمة راسخة في وجدان الناس، بل ما زالت مكون أصيل وعميق في نفسية الإنسان المصري، وفكرة الانتماء والاعتزاز بالوطن وتسليم الرايات من جيل إلى جيل مرفوعة فوق الرأس.
واختتمت فرقة باهر للآلات الشعبية، بقيادو المايسترو د. محمد باهر، الندوة بباقة متنوعة من الأغاني الدينية والتراثية والفلكلور الشعبي منها: “وكلتك محامي”، “رنيت ترانيم الكنائس”، “بلدي” الذي تفاعل معها الحضور بترديد الكلمات.