نهاد الناموس.. عن قطع الطاقة الكهربائية .. في ظل الدستور و التشريع العراقي

• تتزامن ألسنةُ اللهب التي يحتضننا بها الصيف مع فشل الحكومات المُتعاقبة في توفير خدمة اساسية، ألا وهي الكهرباء وهو ما يفرض علينا التساؤل: ما هي المسؤولية القانونية للدولة عن قطع الطاقة الكهربائية؟

نُجيب تفصيلا وفق المنهجية التالية:

أولا: التعريف بالمسؤولية عن قطع الطاقة الكهربائية:
• غني عن البيان أن توفير الكهرباء يقع ضمن أهم واجبات الحكومة مُمَثلةً بوزارة الكهرباء استنادا للمادة (٢/ أولا) من قانون وزارة الكهرباء رقم (٥٣) لسنة ٢٠١٧.
• إلا أنه لم يتعرض المشرع ولا الفقه لمسؤولية الدولة عن قطع الكهرباء، وتعليل ذلك عدم تصور وجود حكومة شرعية تعمل بالضد من مصالح شعبها.

ثانيا: الضمانات الدستورية لتوفير الطاقة الكهربائية:
• لم يتضمن الدستور العراقي نصا صريحا يمكن اعتباره ضمانا دستوريا لإستمرار الحكومة في تقديم الكهرباء، إلا انها تعتبر من مقومات العيش الكريم الذي كفلته المادة (٣٠/أولا) من الدستور، والتي فرضت على الدولة واجب كفالتها و توفيرها للشعب العراقي.

ثالثا: الحماية الجنائية للطاقة الكهربائية:
• إيمانا من المشرع بأهمية الكهرباء كونها تشكل مرفق حيوي فقد جَرَمَ الاعتداء على مصادر الطاقة و وسائل نقلها او تلافها او تخريبها او الشروع في ذلك، وجعل عقوبتها تتراوح من الحبس الى السجن مدة لا تزيد على (٧) سنوات وفق المادة (٣٥٣) من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩.
• الا انه لم يتناول بالتجريم قطع الكهرباء المُتعمد من الحكومة او التسبب في عدم توفيرها، وعلة ذلك كله كما ذكرت آنفا أن لا يمكن لحكومة تَدَّعي تمثيل الشعب أن تلجأ الى حرمانه من أهم مقومات العيش الكريم.

post

رابعا: الحماية الإجرائية للطاقة الكهربائية:
• أن ضرورة توفير الكهرباء قد دفعت المشرع الى إحاطتها بحماية اجرائية خاصة، حيث اعتبرت قطع الكهرباء مبررا يمكن معه اللجوء الى القضاء المستعجل وفق المادة (١٤٣) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (٨٣) لسنة ١٩٦٩.

خامسا: موقف القضاء العراقي :
• لم تشهد سوح المحاكم العراقية أية دعوى قضائية ضد الحكومات المُتعاقبة عن قيام الاخيرة بقطع الكهرباء او التقصير في اداء واجب توفيرها، كل ذلك يؤشر لنا تدني في ثقافة التقاضي للفرد العراقي، الذي لم يزل يتصور بأن حقوقه و حرياته الأساسية انما هي محضُ مِنة من القابضين على السلطة.

سادسا: سُبل المواجهة القانونية:
• نوصي القلة من الشعب التي تؤمن بحقوقها ان تلجأ الى القضاء العراقي ليتولى فصل الخِطاب، وتقرير مسؤولية الحكومة مُمثلة بمجلس الوزراء و وزير الكهرباء اضافة الى وظيفته عن قطع الكهرباء.

وختاما فإن الحقوق تُنتزع ولا تُهدى.

الحقوقي
نهاد منصور الناموس
ماجستير قانون خاص
٢ تموز ٢٠٢١

زر الذهاب إلى الأعلى